حين تُصبح الخشبة مدرسة ثانية: تتويج أحمد الحاضي وانتصار المسرح المدرسي بالمشيشي

لم يكن تتويج التلميذ أحمد الحاضي بجائزة “أحسن ممثل” لحظة فردية تُقاس باسم واحد، بل كان صدى جماعيًا لصوتٍ أبدعته جماعة، وصورته أيادٍ كثيرة اشتغلت في الظل، بنَفَسٍ طويل، وبإيمان لا يتزعزع بأن المسرح داخل المدرسة ليس زينة موسمية، بل روح تربوية تُمارس كل يوم في صمت.

لقد اختار نادي المسرح المدرسي بالمؤسسة الجماعاتية المشيشي أن لا يكون مجرد نشاط، بل أن يكون نبضًا تربويًا حيًا، يعمل على صقل الشخصية، تحرير الخيال، وتعليم التلميذ كيف يملك صوته، وكيف يُجسّد أفكاره في لحظة فن، وصدق، وبوح.

لم يكن أحمد وحده على الركح، بل كان يحمل معه زملاءه، مؤطريه، وإدارته، يحمل في أدائه كل لحظة تدريب، كل تصحيح، كل ضحكة داخل الحصة، وكل دمعة حين لم يكن المشهد يُجدي. لقد جسّد، من حيث لا يدري، حصيلة جهد جماعي طويل، احتضنته الأستاذتان فاطمة عمرو علي وخديجة الوردي، بإخلاص المربيات، وحنكة المسرحيّات، وأعطتا من روحهما للتلاميذ ما جعل الخشبة تتكلّم بلغة صادقة.

“أحلام خلف الستار”، لم تكن مجرد مسرحية، بل كانت مساحة وُلد فيها التعبير من رحم الصمت، وصعد فيها الحلم إلى مرأى الجميع، ليرى الكل أن التلميذ لا يحتاج إلى منبر كي يُبدع، بل فقط إلى من يُصغي له، ويؤمن به، ويمنحه الفرصة ليكون.

ولأن المشاريع الصادقة تحتاج إلى من يرعاها، كان وجود السيد رشيد الصابيري، مدير المؤسسة، أكثر من دعم إداري؛ كان احتضانًا لرؤية، وتكريسًا لتربية تؤمن أن الفن ليس ترفًا، بل حاجة تربوية، وأن المدرسة التي تُربي الذوق، تُربي في الوقت نفسه الفكر، والروح، والانتماء.

إن هذا التتويج لم يكن تتويج فرد، بل تتويج جماعة تحلم جماعيًا، وتشتغل بصمت، وتفرح معًا.
لقد قالت الخشبة كلمتها، بلغة الجسد، بالصوت، بالصمت، وقالت إن المدرسة التي تفتح بابها للمسرح، هي مدرسة فتحت نوافذها على الحياة.

هنيئًا لنادي المسرح بالمشيشي، بتلاميذه، بمؤطريه، بإدارته، بكل من حمل هذا الحلم ومشى به حتى صار حقيقة.
ففي زمن التيه، أنتم دللتمونا على الطريق:
طريق نعلم فيه، نُبدع، ونبني أجيال المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top