المجلة المدرسية الأمازيغية في عددها الثاني: عندما تصير الثقافة المحلية جسراً لتعلم اللغة

في إطار مشروع القسم الرامي إلى تنمية كفايات التلاميذ في اللغة الأمازيغية، وتفعيل التعلمات في سياقات ذات معنى، صدر العدد الثاني من المجلة المدرسية الأمازيغية بالمدرسة الجماعاتية المشيشي، حاملاً توقيعات المتعلمات والمتعلمين، ومعبّراً عن روحهم الإبداعية، وانخراطهم الهادف في تثمين مكون لغوي وثقافي أصيل.

هذا العدد الجديد لم يكن مجرد تمرين لغوي معزول، بل جاء تتويجاً لعمل بيداغوجي متواصل، جعل من الثقافة المحلية رافعة أساسية لتعلم الأمازيغية، ومن الفعل الكتابي نشاطاً حياتياً ينبع من محيط المتعلم، ويعود إليه. لقد تناول التلاميذ مواضيع متنوعة، تراوحت بين الحكاية الشعبية، والمعجم المحلي، والعادات المرتبطة بالمناسبات، والأمثال، والأناشيد التقليدية، وكلها موارد ثقافية غنية، تم توظيفها لإكساب المتعلمين رصيداً لغوياً أصيلاً، ومعانٍ ذات صلة بهويتهم اليومية.

وقد مكّن هذا المشروع التربوي من ربط الدرس اللغوي الأمازيغي بالواقع المعاش، عبر خلق وضعيات تعلمية ذات دلالة، يتفاعل فيها المتعلم مع لغته لا بوصفها مادة مدرسية فقط، بل كأداة تواصل، ووسيلة تعبير، وحاملة لذاكرة الجماعة.

وإذا كانت المدرسة اليوم مدعوة لتجديد طرائق تدريسها، وجعل التعلم تجربة حيوية وفاعلة، فإن هذا العدد الجديد من المجلة المدرسية يشكّل نموذجًا تربويًا يحتذى، لما يجمعه من بُعد لغوي، وبُعد ثقافي، وبُعد بيداغوجي وظيفي، حيث صار التلميذ لا يقرأ فقط، بل يكتب، ويبحث، ويعيد إنتاج معارفه، في انسجام تام مع المحيط السوسيوثقافي الذي ينتمي إليه.

وقد تميّز العدد بمساهمات ميدانية من إنجاز التلاميذ، وبتصاميم بصرية بسيطة لكنها معبّرة، تدلّ على انخراط فعلي، وتقدّم مؤشرات قوية على أن تعلم الأمازيغية لا يكون فعالاً إلا حين يتم تجذيره في التراب الثقافي المحلي، وجعله يتنفس من بيئة المتعلم وذاكرته الجماعية.

وتجدر في الختام الإشارة إلى الجهد التربوي المتميز الذي بذله الأستاذ حميد الغزيوي في إشرافه على هذا المشروع، والذي واكب التلاميذ بخبرة وحنكة، وفتح أمامهم آفاق التعبير والإبداع باللغة الأمازيغية في ارتباط وثيق بثقافتهم وهويتهم.
فتحية تقدير وامتنان له على ما قدمه من دعم وتوجيه، جعل من هذا العدد خطوة نوعية في مسار تثمين الأمازيغية داخل الفعل التربوي اليومي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top